حقيقة الحجاب والغيرة على الأعراض
وقفة مع دعاة التبرج والسفور
* هذا التبرج الذي سمَّاه الله تعالى تبرج الجاهلية الأولى كثر الذين يدعون إليه، وقلَّت الغيرة في نفوس كثير ممن يُسمون رجالا، وهم أشباه رجال.
* ولا شك أن لهؤلاء الدعاة شيء من الشبهات التي يتعلقون بها، والأصل أنهم إنما قلدوا الكفرة؛ حيث إنهم رأوا الكفار قد أسفرت نساؤهم وبرزت أمام الرجال، فتوهمت المرأة المسلمة أنه لا يكون لها قدر إلا بتقليد الكافرات، ودعا إلى ذلك من لهم حظوظ مادية أو شهوانية، فقاموا بالدعوات المضللة، ودعوا إلى انفراج المرأة وانطلاقها من حجز الجدران الأربعة، وجعلوا لها حقا كحق الرجل. وقالوا هي مثل الرجل وحقوقها مهضومة وأنهن... وأنهن.
* ودعوا إلى أن تُزاحم الرجل في أعماله، فتتولى ما يتولاه الرجال من الأعمال؛ فتلقي جلباب الحياء عنها، وطبقوا ذلك كل التطبيق في مدارسهم، فصار الطالب يلتصق بالطالبة كأنه محرمها، وكذلك في الوظائف، فالموظفة محرمها الموظف. وتترجل النساء فيتشبهن بالرجال، وقد رسم> لعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- المتخنثين من الرجال والمترجلات من النساء متن_ح> رسم> والمترجلة: هي المتشبهة بالرجال، ودعا أولئك الضُلَّال إلى قيادتهن السيارات والسفر وحدهن كما يسافر الرجل، وكذلك تتولى الخصومات وما إلى ذلك.
ولا شك أن للمرأة أعمال خاصة بها، فهي تكون ربة بيت تلزم منزلها، وتخدم زوجها، وتقصر نظره عليها، وتقوم بإصلاح بيتها وتربية أولادها، هذه هي وظيفتها وهذا هو عملها. أما الأعمال التي تحتاج إلى البروز فإنها من وظائف الرجال كما هو معروف، ولذلك قال الله تعالى: رسم> الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ قرآن> رسم> .
فجعل الرجل هو الذي ينفق على المرأة وهو القائم عليها، وقد دل على ذلك قوله تعالى: رسم> وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ قرآن> رسم> أي رِفْعةٌ؛ فإن الإسلام لم يظلم المرأة بل رفعها وكرمها، وجعل لها عملها الخاص بها المتماشي مع فطرتها والمحافظ على أنوثتها، وهو عمل عظيم، وهو صيانة بيتها، وإراحة زوجها وتربية الأولاد الذين هم عماد الأمة، فكم من زوجة خرَّجت أبطالا بتربيتهم التربية الصالحة! فتخرجوا أبطالا مغاوير يحملون لواء هذا الدين.
* ولكن رغم ذلك كله فإن هؤلاء الدعاة يتشبثون بأشياء يستدلون بها على ما يبررون به موقفهم.
* ونحب أن نتعرض إلى شيء من أدلتهم التي يستدلون بها، والتي يعتمد عليها دعاة التبرج والسفور في دعواهم.
الأدلة التي يستدل بها دعاة التبرج والسفور رأس>
الدليل الأول: قوله تعالى: رسم> وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا قرآن> رسم> .
* يقول دعاة الباطل أن ما ظهر منها يعني الوجه والكفين، ولقد اشتملت أكثر تفاسير المتأخرين على هذه الجملة، وهم الذين قلدوا الغرب وأخذوا ذلك عنهم، والصحيح أن رسم> مَا ظَهَرَ مِنْهَا قرآن> رسم> أي من ثيابها، أي ما لا يمكن ستره كالثياب ونحوها، فالثياب هي الزينة، قال تعالى: رسم> يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قرآن> رسم> فلا تبدي المرأة زينتها الخفية كحليها ووجهها أو شيء من جسدها وما أشبه ذلك، أما ثيابها إذا كانت مرصعة بنقوش جميلة فلا تبديها إلا ما ظهر منها، وهو ظاهر الجلباب وظاهر الثياب، فالذين قالوا الزينة: الوجه والكفان ليس لهم مُستند إلا أثر عن ابن عباس اسم> ولم يثبت هذا الأثر.
* أما الذي ثبت عن ابن عباس اسم> في تفسير قوله تعالى: رسم> يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ قرآن> رسم> أنها تلقي جلبابها على وجهها، ولا تبدي إلا عينا واحدة تنظر بها الطريق.
* فكيف يقول ابن عباس اسم> أن الوجه والكفين ليسا من العورة وإبداؤهما يجوز؟! حاشا أن يكون ذلك ثابتا عنه، فهو مناقض لكلامه هذا.
الدليل الثاني: قوله-صلى الله عليه وسلم- رسم> يا أسماء اسم> إن المرأة إذا بلغت المحيض... متن_ح> رسم> .
والحديث في سنن أبي داود اسم> عن عائشة اسم> -رضي الله عنها- رسم> أن أسماء اسم> دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فصرف بصره عنها، ثم قال: يا أسماء اسم> إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه متن_ح> رسم> . وهذا الحديث ضعيف: ففي إسناده رجل يقال له: سعيد بن بشير اسم> وهو مشهور بأنه ضعيف لا يُعتمد عليه، وفي سنده انقطاع أيضًا.
* فكيف يعتمد على هذا، وتترك الأدلة الواضحة من الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة وأقوال المفسرين من سلف الأمة.
* وبالجملة فهذا أكبر ما تمسك به أولئك الدعاة إلى السفور، وهو حديث لم يثبت، ولو ثبته من ثبته ممن يريدون أن يشبعوا غرائزهم من عورات المسلمين.
الدليل الثالث: قصة المرأة سَفْعاء الخدين:
* ويستدلون كذلك بأحاديث لا دلالة فيها مثل قصة المرأة التي تكلمت لما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم العيد ليعظ النساء فصلى العيد وخطب الرجال والنساء، ثم كلمهن وقال: رسم> إنكن أكثر أهل النار متن_ح> رسم> فقالت امرأة سفعاء الخدين: لماذا نكون أكثر أهل النار؟
* فقال: رسم> لأنكن تَكْفُرْن العشير وتَكْفُرْن الإحسان... إلخ متن_ح> رسم> . فقالوا: إن سفعاء الخدين دليل على أنها أبرزت خديها، وحاشا ذلك؛ فإن كلمة سفعاء الخدين ليس المراد بها أن على خديها شيء من السفع، أو من البياض، ومن الحمرة أو نحوه، وإنما هذه الكلمة تطلق على المرأة الجريئة؛ لأنها امرأة جريئة أو مبتذلة.. ونحوه، أي معها جسارة وجرأة على الكلام في ذلك الجمع.
الدليل الرابع: قصة الفضل بن عباس اسم>
* وأما استدلالهم بما روي في حديث حجة الوداع أن امرأة سألت النبي عن أبيها الذي أدركه الإسلام ولم يؤد الفريضة، وكان الفضل بن عباس اسم> رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعل الفضل ينظر إليها، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف بصره عنها. .
* فيقولون: إن هذا دليل على أن تلك المرأة قد أبدت وجهها ولو لم تبده لم ينظر إليها الفضل اسم>
* فنقول: ليس كذلك؛ بل إن النظر قد يحصل به فتنة ولو كانت متسترة، وتحديق نظرك إلى امرأة متسترة إلى مشيتها وكلامها وهيئتها وطولها مثلا وبدانتها ونحافتها وما أشبه ذلك، قد يكون سببا للفتنة، فأولى أن لا تنظر إليها ولو كانت محتجبة.
مسألة>